عبارات مورد جستجو در ۳۴۳ گوهر پیدا شد:
نهج البلاغه : خطبه ها
در آستانه نبرد صفین
و من كلام له عليه‌السلام لما عزم على لقاء القوم بصفين
الدعاء اَللَّهُمَّ رَبَّ اَلسَّقْفِ اَلْمَرْفُوعِ وَ اَلْجَوِّ اَلْمَكْفُوفِ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ مَغِيضاً لِلَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ وَ مَجْرًى لِلشَّمْسِ وَ اَلْقَمَرِ وَ مُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ اَلسَّيَّارَةِ
وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلاَئِكَتِكَ لاَ يَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ
وَ رَبَّ هَذِهِ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ مَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَ اَلْأَنْعَامِ
وَ مَا لاَ يُحْصَى مِمَّا يُرَى وَ مَا لاَ يُرَى
وَ رَبَّ اَلْجِبَالِ اَلرَّوَاسِي اَلَّتِي جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ اِعْتِمَاداً
إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا اَلْبَغْيَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ
وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا اَلشَّهَادَةَ وَ اِعْصِمْنَا مِنَ اَلْفِتْنَةِ
الدعوة للقتال أَيْنَ اَلْمَانِعُ لِلذِّمَارِ
وَ اَلْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ اَلْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ اَلْحِفَاظِ
اَلْعَارُ وَرَاءَكُمْ وَ اَلْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ
نهج البلاغه : خطبه ها
انتقاد از اهل شورا شکایت از قریش و بیعت شکنان
و من خطبة له عليه‌السلام حمد الله
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ تُوَارِي عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَ لاَ أَرْضٌ أَرْضاً
يوم الشورى منها وَ قَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّكَ عَلَى هَذَا اَلْأَمْرِ يَا اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ
فَقُلْتُ بَلْ أَنْتُمْ وَ اَللَّهِ لَأَحْرَصُ وَ أَبْعَدُ وَ أَنَا أَخَصُّ وَ أَقْرَبُ
وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وَ أَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ تَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ
فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ فِي اَلْمَلَإِ اَلْحَاضِرِينَ هَبَّ كَأَنَّهُ بُهِتَ لاَ يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِهِ
الاستنصار على قريش
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي
ثُمَّ قَالُوا أَلاَ إِنَّ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ
منها في ذكر أصحاب الجمل
فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله كَمَا تُجَرُّ اَلْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى اَلْبَصْرَةِ
فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله لَهُمَا وَ لِغَيْرِهِمَا
فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ وَ قَدْ أَعْطَانِي اَلطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ
فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا وَ خُزَّانِ بَيْتِ مَالِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً
فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ بِلاَ جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ اَلْجَيْشِ كُلِّهِ
إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لاَ بِيَدٍ
دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ مِثْلَ اَلْعِدَّةِ اَلَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ
نهج البلاغه : خطبه ها
افشای ادعاهاى دروغين طلحه
و من كلام له عليه‌السلام في معنى طلحة بن عبيد الله
و قد قاله حين بلغه خروج طلحة و الزبير إلى البصرة لقتاله
قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لاَ أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ وَ أَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَنِي رَبِّي مِنَ اَلنَّصْرِ
وَ اَللَّهِ مَا اِسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ إِلاَّ خَوْفاً مِنْ أَنْ يُطَالَبَ بِدَمِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ
وَ لَمْ يَكُنْ فِي اَلْقَوْمِ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهُ
فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيهِ لِيَلْتَبِسَ اَلْأَمْرُ وَ يَقَعَ اَلشَّكُّ
وَ وَ اَللَّهِ مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَثٍ
لَئِنْ كَانَ اِبْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ يَزْعُمُ لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ قَاتِلِيهِ وَ أَنْ يُنَابِذَ نَاصِرِيهِ
وَ لَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ اَلْمُنَهْنِهِينَ عَنْهُ وَ اَلْمُعَذِّرِينَ فِيهِ
وَ لَئِنْ كَانَ فِي شَكٍّ مِنَ اَلْخَصْلَتَيْنِ لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِلَهُ وَ يَرْكُدَ جَانِباً وَ يَدَعَ اَلنَّاسَ مَعَهُ
فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ اَلثَّلاَثِ وَ جَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ يُعْرَفْ بَابُهُ وَ لَمْ تَسْلَمْ مَعَاذِيرُهُ
نهج البلاغه : خطبه ها
نكوهش خيانت حكمين
و من كلام له عليه‌السلام في معنى الحكمين
فَأَجْمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ عَلَى أَنِ اِخْتَارُوا رَجُلَيْنِ فَأَخَذْنَا عَلَيْهِمَا أَنْ يُجَعْجِعَا عِنْدَ اَلْقُرْآنِ وَ لاَ يُجَاوِزَاهُ
وَ تَكُونَ أَلْسِنَتُهُمَا مَعَهُ وَ قُلُوبُهُمَا تَبَعَهُ
فَتَاهَا عَنْهُ وَ تَرَكَا اَلْحَقَّ وَ هُمَا يُبْصِرَانِهِ وَ كَانَ اَلْجَوْرُ هَوَاهُمَا وَ اَلاِعْوِجَاجُ رَأْيَهُمَا
وَ قَدْ سَبَقَ اِسْتِثْنَاؤُنَا عَلَيْهِمَا فِي اَلْحُكْمِ بِالْعَدْلِ وَ اَلْعَمَلِ بِالْحَقِّ سُوءَ رَأْيِهِمَا وَ جَوْرَ حُكْمِهِمَا
وَ اَلثِّقَةُ فِي أَيْدِينَا لِأَنْفُسِنَا حِينَ خَالَفَا سَبِيلَ اَلْحَقِّ وَ أَتَيَا بِمَا لاَ يُعْرَفُ مِنْ مَعْكُوسِ اَلْحُكْمِ
نهج البلاغه : خطبه ها
شناخت خدا در پاسخ به ذعلب یمانی
و من كلام له عليه‌السلام و قد سأله ذعلب اليماني فقال هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين
فقال عليه‌السلام أ فأعبد ما لا أرى فقال و كيف تراه فقال
لاَ تُدْرِكُهُ اَلْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ اَلْعِيَانِ وَ لَكِنْ تُدْرِكُهُ اَلْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ اَلْإِيمَانِ
قَرِيبٌ مِنَ اَلْأَشْيَاءِ غَيْرَ مُلاَبِسٍ بَعِيدٌ مِنْهَا غَيْرَ مُبَايِنٍ
مُتَكَلِّمٌ لاَ بِرَوِيَّةٍ مُرِيدٌ لاَ بِهِمَّةٍ صَانِعٌ لاَ بِجَارِحَةٍ
لَطِيفٌ لاَ يُوصَفُ بِالْخَفَاءِ كَبِيرٌ لاَ يُوصَفُ بِالْجَفَاءِ
بَصِيرٌ لاَ يُوصَفُ بِالْحَاسَّةِ
رَحِيمٌ لاَ يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ
تَعْنُو اَلْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ وَ تَجِبُ اَلْقُلُوبُ مِنْ مَخَافَتِهِ
نهج البلاغه : خطبه ها
نكوهش پیوستن به خوارج
وَ مِنْ كَلاَمٍ لَهُ عليه‌السلام وَ قَدْ أَرْسَلَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ يَعْلَمُ لَهُ عِلْمَ أَحْوَالِ قَوْمٍ مِنْ جُنْدِ اَلْكُوفَةِ قَدْ هَمُّوا بِاللِّحَاقِ بِالْخَوَارِجِ وَ كَانُوا عَلَى خَوْفٍ مِنْهُ عليه‌السلام
فَلَمَّا عَادَ إِلَيْهِ اَلرَّجُلُ قَالَ لَهُ أَ أَمِنُوا فَقَطَنُوا أَمْ جَبَنُوا فَظَعَنُوا
فَقَالَ اَلرَّجُلُ بَلْ ظَعَنُوا يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عليه‌السلام
بُعْداً لَهُمْ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ اَلْأَسِنَّةُ إِلَيْهِمْ وَ صُبَّتِ اَلسُّيُوفُ عَلَى هَامَاتِهِمْ لَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ
إِنَّ اَلشَّيْطَانَ اَلْيَوْمَ قَدِ اِسْتَفَلَّهُمْ وَ هُوَ غَداً مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمْ وَ مُتَخَلٍّ عَنْهُمْ
فَحَسْبُهُمْ بِخُرُوجِهِمْ مِنَ اَلْهُدَى وَ اِرْتِكَاسِهِمْ فِي اَلضَّلاَلِ وَ اَلْعَمَى وَ صَدِّهِمْ عَنِ اَلْحَقِّ وَ جِمَاحِهِمْ فِي اَلتِّيهِ
نهج البلاغه : خطبه ها
افشاى نفاق برج بن مسهر الطائي
و من كلام له عليه‌السلام قاله للبرج بن مسهر الطائي و قد قال له بحيث يسمعه لا حكم إلا للّه و كان من الخوارج
اُسْكُتْ قَبَحَكَ اَللَّهُ يَا أَثْرَمُ
فَوَاللَّهِ لَقَدْ ظَهَرَ اَلْحَقُّ فَكُنْتَ فِيهِ ضَئِيلاً شَخْصُكَ خَفِيّاً صَوْتُكَ حَتَّى إِذَا نَعَرَ اَلْبَاطِلُ نَجَمْتَ نُجُومَ قَرْنِ اَلْمَاعِزِ
نهج البلاغه : خطبه ها
پيرامون توحيد
و من خطبة له عليه‌السلام في التوحيد و تجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة
مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ وَ لاَ حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ وَ لاَ إِيَّاهُ عَنَى مَنْ شَبَّهَهُ وَ لاَ صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَ تَوَهَّمَهُ
كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ وَ كُلُّ قَائِمٍ فِي سِوَاهُ مَعْلُولٌ
فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَابِ آلَةٍ مُقَدِّرٌ لاَ بِجَوْلِ فِكْرَةٍ غَنِيٌّ لاَ بِاسْتِفَادَةٍ لاَ تَصْحَبُهُ اَلْأَوْقَاتُ وَ لاَ تَرْفِدُهُ اَلْأَدَوَاتُ سَبَقَ اَلْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ وَ اَلْعَدَمَ وُجُودُهُ وَ اَلاِبْتِدَاءَ أَزَلُهُ
بِتَشْعِيرِهِ اَلْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ وَ بِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ اَلْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ اَلْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ
ضَادَّ اَلنُّورَ بِالظُّلْمَةِ وَ اَلْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ وَ اَلْجُمُودَ بِالْبَلَلِ وَ اَلْحَرُورَ بِالصَّرَدِ مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا مُقَارِنٌ بَيْنَ مُتَبَايِنَاتِهَا مُقَرِّبٌ بَيْنَ مُتَبَاعِدَاتِهَا مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا
لاَ يُشْمَلُ بِحَدٍّ وَ لاَ يُحْسَبُ بِعَدٍّ وَ إِنَّمَا تَحُدُّ اَلْأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا وَ تُشِيرُ اَلْآلاَتُ إِلَى نَظَائِرِهَا
مَنَعَتْهَا مُنْذُ اَلْقِدْمَةَ وَ حَمَتْهَا قَدُ اَلْأَزَلِيَّةَ وَ جَنَّبَتْهَا لَوْلاَ اَلتَّكْمِلَةَ بِهَا تَجَلَّى صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ وَ بِهَا اِمْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ اَلْعُيُونِ
وَ لاَ يَجْرِي عَلَيْهِ اَلسُّكُونُ وَ اَلْحَرَكَةُ وَ كَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ وَ يَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ وَ يَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَ لَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ وَ لاَمْتَنَعَ مِنَ اَلْأَزَلِ مَعْنَاهُ
وَ لَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لاَلْتَمَسَ اَلتَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ اَلنُّقْصَانُ وَ إِذاً لَقَامَتْ آيَةُ اَلْمَصْنُوعِ فِيهِ وَ لَتَحَوَّلَ دَلِيلاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولاً عَلَيْهِ وَ خَرَجَ بِسُلْطَانِ اَلاِمْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِهِ
اَلَّذِي لاَ يَحُولُ وَ لاَ يَزُولُ وَ لاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ اَلْأُفُولُ لَمْ يَلِدْ فَيَكُونَ مَوْلُوداً وَ لَمْ يُولَدْ فَيَصِيرَ مَحْدُوداً جَلَّ عَنِ اِتِّخَاذِ اَلْأَبْنَاءِ وَ طَهُرَ عَنْ مُلاَمَسَةِ اَلنِّسَاءِ
لاَ تَنَالُهُ اَلْأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ وَ لاَ تَتَوَهَّمُهُ اَلْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ وَ لاَ تُدْرِكُهُ اَلْحَوَاسُّ فَتُحِسَّهُ وَ لاَ تَلْمِسُهُ اَلْأَيْدِي فَتَمَسَّهُ وَ لاَ يَتَغَيَّرُ بِحَالٍ وَ لاَ يَتَبَدَّلُ فِي اَلْأَحْوَالِ وَ لاَ تُبْلِيهِ اَللَّيَالِي وَ اَلْأَيَّامُ وَ لاَ يُغَيِّرُهُ اَلضِّيَاءُ وَ اَلظَّلاَمُ
وَ لاَ يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنَ اَلْأَجْزَاءِ وَ لاَ بِالْجَوَارِحِ وَ اَلْأَعْضَاءِ وَ لاَ بِعَرَضٍ مِنَ اَلْأَعْرَاضِ وَ لاَ بِالْغَيْرِيَّةِ وَ اَلْأَبْعَاضِ
وَ لاَ يُقَالُ لَهُ حَدٌّ وَ لاَ نِهَايَةٌ وَ لاَ اِنْقِطَاعٌ وَ لاَ غَايَةٌ وَ لاَ أَنَّ اَلْأَشْيَاءَ تَحْوِيهِ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْوِيَهُ أَوْ أَنَّ شَيْئاً يَحْمِلُهُ فَيُمِيلَهُ أَوْ يُعَدِّلَهُ لَيْسَ فِي اَلْأَشْيَاءِ بِوَالِجٍ وَ لاَ عَنْهَا بِخَارِجٍ
يُخْبِرُ لاَ بِلِسَانٍ وَ لَهَوَاتٍ وَ يَسْمَعُ لاَ بِخُرُوقٍ وَ أَدَوَاتٍ يَقُولُ وَ لاَ يَلْفِظُ وَ يَحْفَظُ وَ لاَ يَتَحَفَّظُ وَ يُرِيدُ وَ لاَ يُضْمِرُ يُحِبُّ وَ يَرْضَى مِنْ غَيْرِ رِقَّةٍ وَ يُبْغِضُ وَ يَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ
يَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ كَوْنَهُ كُنْ فَيَكُونُ لاَ بِصَوْتٍ يَقْرَعُ وَ لاَ بِنِدَاءٍ يُسْمَعُ وَ إِنَّمَا كَلاَمُهُ سُبْحَانَهُ فِعْلٌ مِنْهُ أَنْشَأَهُ وَ مَثَّلَهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ كَائِناً وَ لَوْ كَانَ قَدِيماً لَكَانَ إِلَهاً ثَانِياً
لاَ يُقَالُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَتَجْرِيَ عَلَيْهِ اَلصِّفَاتُ اَلْمُحْدَثَاتُ وَ لاَ يَكُونُ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ فَصْلٌ وَ لاَ لَهُ عَلَيْهَا فَضْلٌ فَيَسْتَوِيَ اَلصَّانِعُ وَ اَلْمَصْنُوعُ وَ يَتَكَافَأَ اَلْمُبْتَدَعُ وَ اَلْبَدِيعُ
خَلَقَ اَلْخَلاَئِقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلاَ مِنْ غَيْرِهِ وَ لَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى خَلْقِهَا بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ
وَ أَنْشَأَ اَلْأَرْضَ فَأَمْسَكَهَا مِنْ غَيْرِ اِشْتِغَالٍ وَ أَرْسَاهَا عَلَى غَيْرِ قَرَارٍ وَ أَقَامَهَا بِغَيْرِ قَوَائِمَ وَ رَفَعَهَا بِغَيْرِ دَعَائِمَ وَ حَصَّنَهَا مِنَ اَلْأَوَدِ وَ اَلاِعْوِجَاجِ وَ مَنَعَهَا مِنَ اَلتَّهَافُتِ وَ اَلاِنْفِرَاجِ
أَرْسَى أَوْتَادَهَا وَ ضَرَبَ أَسْدَادَهَا وَ اِسْتَفَاضَ عُيُونَهَا وَ خَدَّ أَوْدِيَتَهَا فَلَمْ يَهِنْ مَا بَنَاهُ وَ لاَ ضَعُفَ مَا قَوَّاهُ
هُوَ اَلظَّاهِرُ عَلَيْهَا بِسُلْطَانِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ هُوَ اَلْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ وَ اَلْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا بِجَلاَلِهِ وَ عِزَّتِهِ لاَ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ مِنْهَا طَلَبَهُ وَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فَيَغْلِبَهُ وَ لاَ يَفُوتُهُ اَلسَّرِيعُ مِنْهَا فَيَسْبِقَهُ وَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى ذِي مَالٍ فَيَرْزُقَهُ
خَضَعَتِ اَلْأَشْيَاءُ لَهُ وَ ذَلَّتْ مُسْتَكِينَةً لِعَظَمَتِهِ لاَ تَسْتَطِيعُ اَلْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلَى غَيْرِهِ فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِهِ وَ ضَرِّهِ
وَ لاَ كُفْءَ لَهُ فَيُكَافِئَهُ وَ لاَ نَظِيرَ لَهُ فَيُسَاوِيَهُ هُوَ اَلْمُفْنِي لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا حَتَّى يَصِيرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا
وَ لَيْسَ فَنَاءُ اَلدُّنْيَا بَعْدَ اِبْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا وَ اِخْتِرَاعِهَا
وَ كَيْفَ وَ لَوِ اِجْتَمَعَ جَمِيعُ حَيَوَانِهَا مِنْ طَيْرِهَا وَ بَهَائِمِهَا وَ مَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وَ سَائِمِهَا وَ أَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا وَ أَجْنَاسِهَا وَ مُتَبَلِّدَةِ أُمَمِهَا وَ أَكْيَاسِهَا عَلَى إِحْدَاثِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَتْ عَلَى إِحْدَاثِهَا
وَ لاَ عَرَفَتْ كَيْفَ اَلسَّبِيلُ إِلَى إِيجَادِهَا وَ لَتَحَيَّرَتْ عُقُولُهَا فِي عِلْمِ ذَلِكَ وَ تَاهَتْ وَ عَجَزَتْ قُوَاهَا وَ تَنَاهَتْ وَ رَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِيرَةً عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا
وَ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ اَلدُّنْيَا وَحْدَهُ لاَ شَيْءَ مَعَهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ اِبْتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا بِلاَ وَقْتٍ وَ لاَ مَكَانٍ وَ لاَ حِينٍ وَ لاَ زَمَانٍ
عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ اَلْآجَالُ وَ اَلْأَوْقَاتُ وَ زَالَتِ اَلسِّنُونَ وَ اَلسَّاعَاتُ فَلاَ شَيْءَ إِلاَّ اَللّٰهُ اَلْوٰاحِدُ اَلْقَهّٰارُ اَلَّذِي إِلَيْهِ مَصِيرُ جَمِيعِ اَلْأُمُورِ
بِلاَ قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ اِبْتِدَاءُ خَلْقِهَا وَ بِغَيْرِ اِمْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا وَ لَوْ قَدَرَتْ عَلَى اَلاِمْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا
لَمْ يَتَكَاءَدْهُ صُنْعُ شَيْءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَهُ وَ لَمْ يَؤُدْهُ مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَهُ وَ بَرَأَهُ وَ لَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ وَ لاَ لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَ نُقْصَانٍ وَ لاَ لِلاِسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى نِدٍّ مُكَاثِرٍ
وَ لاَ لِلاِحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ وَ لاَ لِلاِزْدِيَادِ بِهَا فِي مُلْكِهِ وَ لاَ لِمُكَاثَرَةِ شَرِيكٍ فِي شِرْكِهِ وَ لاَ لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِسَ إِلَيْهَا
ثُمَّ هُوَ يُفْنِيهَا بَعْدَ تَكْوِينِهَا لاَ لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي تَصْرِيفِهَا وَ تَدْبِيرِهَا وَ لاَ لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَيْهِ وَ لاَ لِثِقَلِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهِ لاَ يُمِلُّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَيَدْعُوَهُ إِلَى سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا
وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ دَبَّرَهَا بِلُطْفِهِ وَ أَمْسَكَهَا بِأَمْرِهِ وَ أَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِهِ
ثُمَّ يُعِيدُهَا بَعْدَ اَلْفَنَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْهَا
وَ لاَ اِسْتِعَانَةٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهَا وَ لاَ لاِنْصِرَافٍ مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلَى حَالِ اِسْتِئْنَاسٍ وَ لاَ مِنْ حَالِ جَهْلٍ وَ عَمًى إِلَى حَالِ عِلْمٍ وَ اِلْتِمَاسٍ وَ لاَ مِنْ فَقْرٍ وَ حَاجَةٍ إِلَى غِنًى وَ كَثْرَةٍ وَ لاَ مِنْ ذُلٍّ وَ ضَعَةٍ إِلَى عِزٍّ وَ قُدْرَةٍ
نهج البلاغه : خطبه ها
خبر از حوادث آینده
و من خطبة له عليه‌السلام و هي في ذكر الملاحم أَلاَ بِأَبِي وَ أُمِّي هُمْ مِنْ عِدَّةٍ أَسْمَاؤُهُمْ فِي اَلسَّمَاءِ مَعْرُوفَةٌ وَ فِي اَلْأَرْضِ مَجْهُولَةٌ
أَلاَ فَتَوَقَّعُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ وَ اِنْقِطَاعِ وُصَلِكُمْ وَ اِسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ
ذَاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ اَلسَّيْفِ عَلَى اَلْمُؤْمِنِ أَهْوَنَ مِنَ اَلدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّهِ ذَاكَ حَيْثُ يَكُونُ اَلْمُعْطَى أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ اَلْمُعْطِي
ذَاكَ حَيْثُ تَسْكَرُونَ مِنْ غَيْرِ شَرَابٍ بَلْ مِنَ اَلنِّعْمَةِ وَ اَلنَّعِيمِ وَ تَحْلِفُونَ مِنْ غَيْرِ اِضْطِرَارٍ وَ تَكْذِبُونَ مِنْ غَيْرِ إِحْرَاجٍ ذَاكَ إِذَا عَضَّكُمُ اَلْبَلاَءُ كَمَا يَعَضُّ اَلْقَتَبُ غَارِبَ اَلْبَعِيرِ
مَا أَطْوَلَ هَذَا اَلْعَنَاءَ وَ أَبْعَدَ هَذَا اَلرَّجَاءَ
أَيُّهَا اَلنَّاسُ أَلْقُوا هَذِهِ اَلْأَزِمَّةَ اَلَّتِي تَحْمِلُ ظُهُورُهَا اَلْأَثْقَالَ مِنْ أَيْدِيكُمْ وَ لاَ تَصَدَّعُوا عَلَى سُلْطَانِكُمْ فَتَذُمُّوا غِبَّ فِعَالِكُمْ
وَ لاَ تَقْتَحِمُوا مَا اِسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ فَوْرِ نَارِ اَلْفِتْنَةِ وَ أَمِيطُوا عَنْ سَنَنِهَا وَ خَلُّوا قَصْدَ اَلسَّبِيلِ لَهَا فَقَدْ لَعَمْرِي يَهْلِكُ فِي لَهَبِهَا اَلْمُؤْمِنُ وَ يَسْلَمُ فِيهَا غَيْرُ اَلْمُسْلِمِ
إِنَّمَا مَثَلِي بَيْنَكُمْ كَمَثَلِ اَلسِّرَاجِ فِي اَلظُّلْمَةِ يَسْتَضِيءُ بِهِ مَنْ وَلَجَهَا فَاسْمَعُوا أَيُّهَا اَلنَّاسُ وَ عُوا وَ أَحْضِرُوا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا
نهج البلاغه : خطبه ها
سفارش به پرهیزکاری و ياد مرگ
و من خطبة له عليه‌السلام يحمد اللّه و يثني على نبيه و يعظ بالتقوى حمد اللّه أَحْمَدُهُ شُكْراً لِإِنْعَامِهِ وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى وَظَائِفِ حُقُوقِهِ عَزِيزَ اَلْجُنْدِ عَظِيمَ اَلْمَجْدِ
الثناء على النبي وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ دَعَا إِلَى طَاعَتِهِ وَ قَاهَرَ أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دِينِهِ لاَ يَثْنِيهِ عَنْ ذَلِكَ اِجْتِمَاعٌ عَلَى تَكْذِيبِهِ وَ اِلْتِمَاسٌ لِإِطْفَاءِ نُورِهِ
العظة بالتقوى فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَى اَللَّهِ فَإِنَّ لَهَا حَبْلاً وَثِيقاً عُرْوَتُهُ وَ مَعْقِلاً مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ
وَ بَادِرُوا اَلْمَوْتَ وَ غَمَرَاتِهِ وَ اِمْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ فَإِنَّ اَلْغَايَةَ اَلْقِيَامَةُ وَ كَفَى بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ وَ مُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ
وَ قَبْلَ بُلُوغِ اَلْغَايَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ اَلْأَرْمَاسِ وَ شِدَّةِ اَلْإِبْلاَسِ وَ هَوْلِ اَلْمُطَّلَعِ وَ رَوْعَاتِ اَلْفَزَعِ وَ اِخْتِلاَفِ اَلْأَضْلاَعِ وَ اِسْتِكَاكِ اَلْأَسْمَاعِ وَ ظُلْمَةِ اَللَّحْدِ وَ خِيفَةِ اَلْوَعْدِ وَ غَمِّ اَلضَّرِيحِ وَ رَدْمِ اَلصَّفِيحِ
فَاللَّهَ اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ فَإِنَّ اَلدُّنْيَا مَاضِيَةٌ بِكُمْ عَلَى سَنَنٍ وَ أَنْتُمْ وَ اَلسَّاعَةُ فِي قَرَنٍ وَ كَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا وَ أَزِفَتْ بِأَفْرَاطِهَا وَ وَقَفَتْ بِكُمْ عَلَى صِرَاطِهَا وَ كَأَنَّهَا قَدْ أَشْرَفَتْ بِزَلاَزِلِهَا وَ أَنَاخَتْ بِكَلاَكِلِهَا
وَ اِنْصَرَمَتِ اَلدُّنْيَا بِأَهْلِهَا وَ أَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا
فَكَانَتْ كَيَوْمٍ مَضَى أَوْ شَهْرٍ اِنْقَضَى وَ صَارَ جَدِيدُهَا رَثّاً وَ سَمِينُهَا غَثّاً فِي مَوْقِفٍ ضَنْكِ اَلْمَقَامِ وَ أُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ عِظَامٍ وَ نَارٍ شَدِيدٍ كَلَبُهَا عَالٍ لَجَبُهَا سَاطِعٍ لَهَبُهَا مُتَغَيِّظٍ زَفِيرُهَا
مُتَأَجِّجٍ سَعِيرُهَا بَعِيدٍ خُمُودُهَا ذَاكٍ وُقُودُهَا مَخُوفٍ وَعِيدُهَا عَمٍ قَرَارُهَا مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا حَامِيَةٍ قُدُورُهَا فَظِيعَةٍ أُمُورُهَا
وَ سِيقَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى اَلْجَنَّةِ زُمَراً قَدْ أُمِنَ اَلْعَذَابُ وَ اِنْقَطَعَ اَلْعِتَابُ وَ زُحْزِحُوا عَنِ اَلنَّارِ وَ اِطْمَأَنَّتْ بِهِمُ اَلدَّارُ وَ رَضُوا اَلْمَثْوَى وَ اَلْقَرَارَ اَلَّذِينَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي اَلدُّنْيَا زَاكِيَةً وَ أَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً
وَ كَانَ لَيْلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَ اِسْتِغْفَارًا وَ كَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلاً تَوَحُّشاً وَ اِنْقِطَاعاً
فَجَعَلَ اَللَّهُ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ مَآباً وَ اَلْجَزَاءَ ثَوَاباً وَ كٰانُوا أَحَقَّ بِهٰا وَ أَهْلَهٰا فِي مُلْكٍ دَائِمٍ وَ نَعِيمٍ قَائِمٍ
فَارْعَوْا عِبَادَ اَللَّهِ مَا بِرِعَايَتِهِ يَفُوزُ فَائِزُكُمْ وَ بِإِضَاعَتِهِ يَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ وَ بَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ وَ مَدِينُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ
وَ كَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ اَلْمَخُوفُ فَلاَ رَجْعَةً تَنَالُونَ وَ لاَ عَثْرَةً تُقَالُونَ اِسْتَعْمَلَنَا اَللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ عَفَا عَنَّا وَ عَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ
اِلْزَمُوا اَلْأَرْضَ وَ اِصْبِرُوا عَلَى اَلْبَلاَءِ وَ لاَ تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ وَ سُيُوفِكُمْ فِي هَوَى أَلْسِنَتِكُمْ وَ لاَ تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجِّلْهُ اَللَّهُ لَكُمْ
فَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وَ هُوَ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِّ رَبِّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ مَاتَ شَهِيداً وَ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اَللّٰهِ وَ اِسْتَوْجَبَ ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ وَ قَامَتِ اَلنِّيَّةُ مَقَامَ إِصْلاَتِهِ لِسَيْفِهِ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مُدَّةً وَ أَجَلاً
نهج البلاغه : خطبه ها
خطبه قاصعه
و من خطبة له عليه‌السلام تسمى القاصعة و هي تتضمن ذم إبليس لعنه الله على استكباره و تركه السجود لآدم عليه‌السلام و أنه أول من أظهر العصبية و تبع الحمية و تحذير الناس من سلوك طريقته
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لَبِسَ اَلْعِزَّ وَ اَلْكِبْرِيَاءَ وَ اِخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًى وَ حَرَماً عَلَى غَيْرِهِ وَ اِصْطَفَاهُمَا لِجَلاَلِهِ رأس العصيان وَ جَعَلَ اَللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ
ثُمَّ اِخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلاَئِكَتَهُ اَلْمُقَرَّبِينَ لِيَمِيزَ اَلْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ
فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ اَلْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ اَلْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ اَلْغُيُوبِ إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ فَسَجَدَ اَلْمَلاٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاّٰ إِبْلِيسَ
اِعْتَرَضَتْهُ اَلْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بِخَلْقِهِ وَ تَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ فَعَدُوُّ اَللَّهِ إِمَامُ اَلْمُتَعَصِّبِينَ وَ سَلَفُ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ اَلَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ اَلْعَصَبِيَّةِ وَ نَازَعَ اَللَّهَ رِدَاءَ اَلْجَبْرِيَّةِ وَ اِدَّرَعَ لِبَاسَ اَلتَّعَزُّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ اَلتَّذَلُّلِ
أَ لاَ تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اَللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ وَ وَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ فَجَعَلَهُ فِي اَلدُّنْيَا مَدْحُوراً وَ أَعَدَّ لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ سَعِيراً
ابتلاء اللّه لخلقه وَ لَوْ أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ اَلْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ وَ يَبْهَرُ اَلْعُقُولَ رُوَاؤُهُ وَ طِيبٍ يَأْخُذُ اَلْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ لَفَعَلَ
وَ لَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ اَلْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً وَ لَخَفَّتِ اَلْبَلْوَى فِيهِ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ وَ لَكِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ تَمْيِيزاً بِالاِخْتِبَارِ لَهُمْ وَ نَفْياً لِلاِسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ وَ إِبْعَاداً لِلْخُيَلاَءِ مِنْهُمْ
طلب العبرة فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اَللَّهِ بِإِبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ اَلطَّوِيلَ وَ جَهْدَهُ اَلْجَهِيدَ وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اَللَّهَ سِتَّةَ آلاَفِ سَنَةٍ لاَ يُدْرَى أَ مِنْ سِنِي اَلدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي اَلْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ
فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اَللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ كَلاَّ مَا كَانَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ اَلْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً
إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ اَلسَّمَاءِ وَ أَهْلِ اَلْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَيْنَ اَللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَهُ عَلَى اَلْعَالَمِينَ
التحذير من الشيطان فَاحْذَرُوا عِبَادَ اَللَّهِ عَدُوَّ اَللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ وَ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ وَ أَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَ رَجِلِهِ
فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ اَلْوَعِيدِ وَ أَغْرَقَ إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ اَلشَّدِيدِ وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ فَقَالَ رَبِّ بِمٰا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ وَ رَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ
صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ اَلْحَمِيَّةِ وَ إِخْوَانُ اَلْعَصَبِيَّةِ وَ فُرْسَانُ اَلْكِبْرِ وَ اَلْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى إِذَا اِنْقَادَتْ لَهُ اَلْجَامِحَةُ مِنْكُمْ وَ اِسْتَحْكَمَتِ اَلطَّمَاعِيَّةُ مِنْهُ فِيكُمْ فَنَجَمَتِ اَلْحَالُ مِنَ اَلسِّرِّ اَلْخَفِيِّ إِلَى اَلْأَمْرِ اَلْجَلِيِّ
اِسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ وَ دَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ اَلذُّلِّ وَ أَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ اَلْقَتْلِ
وَ أَوْطَؤُوكُمْ إِثْخَانَ اَلْجِرَاحَةِ طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ وَ حَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ وَ دَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ وَ قَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ وَ سَوْقاً بِخَزَائِمِ اَلْقَهْرِ إِلَى اَلنَّارِ اَلْمُعَدَّةِ لَكُمْ
فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ حَرْجاً وَ أَوْرَى فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً مِنَ اَلَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ وَ عَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ
فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ وَ لَهُ جِدَّكُمْ فَلَعَمْرُ اَللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ وَ وَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ وَ دَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ وَ أَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ وَ قَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِيلَكُمْ يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ وَ يَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ
لاَ تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ وَ لاَ تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ وَ حَلْقَةِ ضِيقٍ وَ عَرْصَةِ مَوْتٍ وَ جَوْلَةِ بَلاَءٍ
فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ اَلْعَصَبِيَّةِ وَ أَحْقَادِ اَلْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّمَا تِلْكَ اَلْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي اَلْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ اَلشَّيْطَانِ وَ نَخَوَاتِهِ وَ نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ
وَ اِعْتَمِدُوا وَضْعَ اَلتَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ وَ إِلْقَاءَ اَلتَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ وَ خَلْعَ اَلتَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَ اِتَّخِذُوا اَلتَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وَ جُنُودِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ جُنُوداً وَ أَعْوَاناً وَ رَجِلاً وَ فُرْسَاناً
وَ لاَ تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى اِبْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اَللَّهُ فِيهِ سِوَى مَا أَلْحَقَتِ اَلْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ اَلْحَسَدِ وَ قَدَحَتِ اَلْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ اَلْغَضَبِ
وَ نَفَخَ اَلشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ اَلْكِبْرِ اَلَّذِي أَعْقَبَهُ اَللَّهُ بِهِ اَلنَّدَامَةَ وَ أَلْزَمَهُ آثَامَ اَلْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ
التحذير من الكبر أَلاَ وَ قَدْ أَمْعَنْتُمْ فِي اَلْبَغْيِ وَ أَفْسَدْتُمْ فِي اَلْأَرْضِ مُصَارَحَةً لِلَّهِ بِالْمُنَاصَبَةِ وَ مُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْمُحَارَبَةِ
فَاللَّهَ اَللَّهَ فِي كِبْرِ اَلْحَمِيَّةِ وَ فَخْرِ اَلْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَلاَقِحُ اَلشَّنَئَانِ وَ مَنَافِخُ اَلشَّيْطَانِ اَلَّتِي خَدَعَ بِهَا اَلْأُمَمَ اَلْمَاضِيَةَ وَ اَلْقُرُونَ اَلْخَالِيَةَ حَتَّى أَعْنَقُوا فِي حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ وَ مَهَاوِي ضَلاَلَتِهِ
ذُلُلاً عَنْ سِيَاقِهِ سُلُساً فِي قِيَادِهِ أَمْراً تَشَابَهَتِ اَلْقُلُوبُ فِيهِ وَ تَتَابَعَتِ اَلْقُرُونُ عَلَيْهِ وَ كِبْراً تَضَايَقَتِ اَلصُّدُورُ بِهِ
التحذير من طاعة الكبراء أَلاَ فَالْحَذَرَ اَلْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَ كُبَرَائِكُمْ اَلَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وَ تَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ وَ أَلْقَوُا اَلْهَجِينَةَ عَلَى رَبِّهِمْ وَ جَاحَدُوا اَللَّهَ عَلَى مَا صَنَعَ بِهِمْ مُكَابَرَةً لِقَضَائِهِ وَ مُغَالَبَةً لِآلاَئِهِ
فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ اَلْعَصَبِيَّةِ وَ دَعَائِمُ أَرْكَانِ اَلْفِتْنَةِ وَ سُيُوفُ اِعْتِزَاءِ اَلْجَاهِلِيَّةِ
فَاتَّقُوا اَللَّهَ وَ لاَ تَكُونُوا لِنِعَمِهِ عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً وَ لاَ لِفَضْلِهِ عِنْدَكُمْ حُسَّاداً وَ لاَ تُطِيعُوا اَلْأَدْعِيَاءَ اَلَّذِينَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ وَ خَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وَ أَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ
وَ هُمْ أَسَاسُ اَلْفُسُوقِ وَ أَحْلاَسُ اَلْعُقُوقِ اِتَّخَذَهُمْ إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلاَلٍ وَ جُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى اَلنَّاسِ وَ تَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ
اِسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ وَ دُخُولاً فِي عُيُونِكُمْ وَ نَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى نَبْلِهِ وَ مَوْطِئَ قَدَمِهِ وَ مَأْخَذَ يَدِهِ
العبرة بالماضين فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ اَلْأُمَمَ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَأْسِ اَللَّهِ وَ صَوْلاَتِهِ وَ وَقَائِعِهِ وَ مَثُلاَتِهِ وَ اِتَّعِظُوا بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ وَ مَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ
وَ اِسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ لَوَاقِحِ اَلْكِبْرِ كَمَا تَسْتَعِيذُونَهُ مِنْ طَوَارِقِ اَلدَّهْرِ
فَلَوْ رَخَّصَ اَللَّهُ فِي اَلْكِبْرِ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَرَخَّصَ فِيهِ لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّهَ إِلَيْهِمُ اَلتَّكَابُرَ وَ رَضِيَ لَهُمُ اَلتَّوَاضُعَ
فَأَلْصَقُوا بِالْأَرْضِ خُدُودَهُمْ وَ عَفَّرُوا فِي اَلتُّرَابِ وُجُوهَهُمْ وَ خَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ كَانُوا قَوْماً مُسْتَضْعَفِينَ قَدِ اِخْتَبَرَهُمُ اَللَّهُ بِالْمَخْمَصَةِ وَ اِبْتَلاَهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ وَ اِمْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ وَ مَخَضَهُمْ بِالْمَكَارِهِ
فَلاَ تَعْتَبِرُوا اَلرِّضَى وَ اَلسُّخْطَ بِالْمَالِ وَ اَلْوَلَدِ جَهْلاً بِمَوَاقِعِ اَلْفِتْنَةِ وَ اَلاِخْتِبَارِ فِي مَوْضِعِ اَلْغِنَى وَ اَلاِقْتِدَارِ
فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى أَ يَحْسَبُونَ أَنَّمٰا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مٰالٍ وَ بَنِينَ نُسٰارِعُ لَهُمْ فِي اَلْخَيْرٰاتِ بَلْ لاٰ يَشْعُرُونَ
فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ بِأَوْلِيَائِهِ اَلْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ
تواضع الأنبياء وَ لَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَ مَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ عليهماالسلام عَلَى فِرْعَوْنَ وَ عَلَيْهِمَا مَدَارِعُ اَلصُّوفِ وَ بِأَيْدِيهِمَا اَلْعِصِيُّ فَشَرَطَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَقَاءَ مُلْكِهِ وَ دَوَامَ عِزِّهِ
فَقَالَ أَ لاَ تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَيْنِ يَشْرِطَانِ لِي دَوَامَ اَلْعِزِّ وَ بَقَاءَ اَلْمُلْكِ وَ هُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ اَلْفَقْرِ وَ اَلذُّلِّ فَهَلاَّ أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَ جَمْعِهِ وَ اِحْتِقَاراً لِلصُّوفِ وَ لُبْسِهِ وَ لَوْ أَرَادَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ اَلذِّهْبَانِ وَ مَعَادِنَ اَلْعِقْيَانِ وَ مَغَارِسَ اَلْجِنَانِ وَ أَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ اَلسَّمَاءِ وَ وُحُوشَ اَلْأَرَضِينَ لَفَعَلَ
وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ اَلْبَلاَءُ وَ بَطَلَ اَلْجَزَاءُ وَ اِضْمَحَلَّتِ اَلْأَنْبَاءُ وَ لَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ اَلْمُبْتَلِينَ وَ لاَ اِسْتَحَقَّ اَلْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ اَلْمُحْسِنِينَ وَ لاَ لَزِمَتِ اَلْأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا
وَ لَكِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ وَ ضَعَفَةً فِيمَا تَرَى اَلْأَعْيُنُ مِنْ حَالاَتِهِمْ مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلَأُ اَلْقُلُوبَ وَ اَلْعُيُونَ غِنًى وَ خَصَاصَةٍ تَمْلَأُ اَلْأَبْصَارَ وَ اَلْأَسْمَاعَ أَذًى
وَ لَوْ كَانَتِ اَلْأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لاَ تُرَامُ وَ عِزَّةٍ لاَ تُضَامُ وَ مُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ اَلرِّجَالِ وَ تُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ اَلرِّحَالِ لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى اَلْخَلْقِ فِي اَلاِعْتِبَارِ وَ أَبْعَدَ لَهُمْ فِي اَلاِسْتِكْبَارِ
وَ لَآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ فَكَانَتِ اَلنِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً وَ اَلْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً
وَ لَكِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ اَلاِتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ وَ اَلتَّصْدِيقُ بِكُتُبِهِ وَ اَلْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ وَ اَلاِسْتِكَانَةُ لِأَمْرِهِ وَ اَلاِسْتِسْلاَمُ لِطَاعَتِهِ أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً لاَ تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ
وَ كُلَّمَا كَانَتِ اَلْبَلْوَى وَ اَلاِخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ اَلْمَثُوبَةُ وَ اَلْجَزَاءُ أَجْزَلَ
الكعبة المقدسة أَ لاَ تَرَوْنَ أَنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ اِخْتَبَرَ اَلْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صلوات‌الله‌عليه إِلَى اَلْآخِرِينَ مِنْ هَذَا اَلْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لاَ تَضُرُّ وَ لاَ تَنْفَعُ وَ لاَ تُبْصِرُ وَ لاَ تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ اَلْحَرَامَ اَلَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً
ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ اَلْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ اَلدُّنْيَا مَدَراً وَ أَضْيَقِ بُطُونِ اَلْأَوْدِيَةِ قُطْراً بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ وَ عُيُونٍ وَشِلَةٍ وَ قُرًى مُنْقَطِعَةٍ لاَ يَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَ لاَ حَافِرٌ وَ لاَ ظِلْفٌ
ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ عليه‌السلام وَ وَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وَ غَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ اَلْأَفْئِدَةِ
مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحِيقَةٍ وَ مَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلاً يُهَلِّلُونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ وَ يَرْمُلُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ
قَدْ نَبَذُوا اَلسَّرَابِيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ شَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ اَلشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ اِبْتِلاَءً عَظِيماً وَ اِمْتِحَاناً شَدِيداً وَ اِخْتِبَاراً مُبِيناً وَ تَمْحِيصاً بَلِيغاً جَعَلَهُ اَللَّهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَ وُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ
وَ لَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ اَلْحَرَامَ وَ مَشَاعِرَهُ اَلْعِظَامَ بَيْنَ جَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ وَ سَهْلٍ وَ قَرَارٍ جَمَّ اَلْأَشْجَارِ دَانِيَ اَلثِّمَارِ مُلْتَفَّ اَلْبُنَى مُتَّصِلَ اَلْقُرَى
بَيْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ وَ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ أَرْيَافٍ مُحْدِقَةٍ وَ عِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ وَ رِيَاضٍ نَاضِرَةٍ وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ لَكَانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ اَلْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ اَلْبَلاَءِ
وَ لَوْ كَانَ اَلْإِسَاسُ اَلْمَحْمُولُ عَلَيْهَا وَ اَلْأَحْجَارُ اَلْمَرْفُوعُ بِهَا بَيْنَ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ نُورٍ وَ ضِيَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُصَارَعَةَ اَلشَّكِّ فِي اَلصُّدُورِ وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ اَلْقُلُوبِ وَ لَنَفَى مُعْتَلَجَ اَلرَّيْبِ مِنَ اَلنَّاسِ
وَ لَكِنَّ اَللَّهَ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ اَلشَّدَائِدِ وَ يَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ اَلْمَجَاهِدِ وَ يَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ اَلْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَى فَضْلِهِ وَ أَسْبَاباً ذُلُلاً لِعَفْوِهِ
عود إلى التحذير فَاللَّهَ اَللَّهَ فِي عَاجِلِ اَلْبَغْيِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ اَلظُّلْمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ اَلْكِبْرِ فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ إِبْلِيسَ اَلْعُظْمَى وَ مَكِيدَتُهُ اَلْكُبْرَى اَلَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ اَلرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ اَلسُّمُومِ اَلْقَاتِلَةِ
فَمَا تُكْدِي أَبَداً وَ لاَ تُشْوِي أَحَداً لاَ عَالِماً لِعِلْمِهِ وَ لاَ مُقِلاًّ فِي طِمْرِهِ
وَ عَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اَللَّهُ عِبَادَهُ اَلْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَ اَلزَّكَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ اَلصِّيَامِ فِي اَلْأَيَّامِ اَلْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لِأَطْرَافِهِمْ وَ تَخْشِيعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِيلاً لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُيَلاَءِ عَنْهُمْ
وَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ اَلْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ اِلْتِصَاقِ كَرَائِمِ اَلْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ اَلْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ اَلصِّيَامِ تَذَلُّلاً مَعَ مَا فِي اَلزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ اَلْأَرْضِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ اَلْمَسْكَنَةِ وَ اَلْفَقْرِ
فضائل الفرائض اُنْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ اَلْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ اَلْفَخْرِ وَ قَدْعِ طَوَالِعِ اَلْكِبْرِ
وَ لَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ اَلْعَالَمِينَ يَتَعَصَّبُ لِشَيْءٍ مِنَ اَلْأَشْيَاءِ إِلاَّ عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِيهَ اَلْجُهَلاَءِ أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ بِعُقُولِ اَلسُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لِأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَ لاَ عِلَّةٌ
أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ عَلَى آدَمَ لِأَصْلِهِ وَ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي خِلْقَتِهِ فَقَالَ أَنَا نَارِيٌّ وَ أَنْتَ طِينِيٌّ عصبية المال وَ أَمَّا اَلْأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ اَلْأُمَمِ فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ اَلنِّعَمِ فَ قٰالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوٰالاً وَ أَوْلاٰداً وَ مٰا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مِنَ اَلْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ اَلْخِصَالِ وَ مَحَامِدِ اَلْأَفْعَالِ
وَ مَحَاسِنِ اَلْأُمُورِ اَلَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا اَلْمُجَدَاءُ وَ اَلنُّجَدَاءُ مِنْ بُيُوتَاتِ اَلْعَرَبِ وَ يَعَاسِيبِ اَلقَبَائِلِ بِالْأَخْلاَقِ اَلرَّغِيبَةِ وَ اَلْأَحْلاَمِ اَلْعَظِيمَةِ وَ اَلْأَخْطَارِ اَلْجَلِيلَةِ وَ اَلْآثَارِ اَلْمَحْمُودَةِ
فَتَعَصَّبُوا لِخِلاَلِ اَلْحَمْدِ مِنَ اَلْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَ اَلْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ وَ اَلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ وَ اَلْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ وَ اَلْأَخْذِ بِالْفَضْلِ وَ اَلْكَفِّ عَنِ اَلْبَغْيِ وَ اَلْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَ اَلْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَ اَلْكَظْمِ لِلْغَيْظِ وَ اِجْتِنَابِ اَلْفَسَادِ فِي اَلْأَرْضِ
وَ اِحْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ اَلْمَثُلاَتِ بِسُوءِ اَلْأَفْعَالِ وَ ذَمِيمِ اَلْأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِي اَلْخَيْرِ وَ اَلشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ وَ اِحْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ حَالَيْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ اَلْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ
وَ زَاحَتِ اَلْأَعْدَاءُ لَهُ عَنْهُمْ وَ مُدَّتِ اَلْعَافِيَةُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَ اِنْقَادَتِ اَلنِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ وَ وَصَلَتِ اَلْكَرَامَةُ عَلَيْهِ حَبْلَهُمْ مِنَ اَلاِجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ وَ اَللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ وَ اَلتَّحَاضِّ عَلَيْهَا وَ اَلتَّوَاصِي بِهَا
وَ اِجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وَ أَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ اَلْقُلُوبِ وَ تَشَاحُنِ اَلصُّدُورِ وَ تَدَابُرِ اَلنُّفُوسِ وَ تَخَاذُلِ اَلْأَيْدِي
وَ تَدَبَّرُوا أَحْوَالَ اَلْمَاضِينَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ اَلتَّمْحِيصِ وَ اَلْبَلاَءِ أَ لَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ اَلْخَلاَئِقِ أَعْبَاءً وَ أَجْهَدَ اَلْعِبَادِ بَلاَءً وَ أَضْيَقَ أَهْلِ اَلدُّنْيَا حَالاً
اِتَّخَذَتْهُمُ اَلْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ اَلْعَذَابِ وَ جَرَّعُوهُمُ اَلْمُرَارَ فَلَمْ تَبْرَحِ اَلْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ اَلْهَلَكَةِ وَ قَهْرِ اَلْغَلَبَةِ لاَ يَجِدُونَ حِيلَةً فِي اِمْتِنَاعٍ وَ لاَ سَبِيلاً إِلَى دِفَاعٍ
حَتَّى إِذَا رَأَى اَللَّهُ سُبْحَانَهُ جِدَّ اَلصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى اَلْأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ وَ اَلاِحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ اَلْبَلاَءِ فَرَجاً فَأَبْدَلَهُمُ اَلْعِزَّ مَكَانَ اَلذُّلِّ وَ اَلْأَمْنَ مَكَانَ اَلْخَوْفِ
فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وَ أَئِمَّةً أَعْلاَماً وَ قَدْ بَلَغَتِ اَلْكَرَامَةُ مِنَ اَللَّهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ اَلْآمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ
فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ اَلْأَمْلاَءُ مُجْتَمِعَةً وَ اَلْأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً وَ اَلْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً وَ اَلْأَيْدِي مُتَرَادِفَةً وَ اَلسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً وَ اَلْبَصَائِرُ نَافِذَةً وَ اَلْعَزَائِمُ وَاحِدَةً
أَ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً فِي أَقْطَارِ اَلْأَرَضِينَ وَ مُلُوكاً عَلَى رِقَابِ اَلْعَالَمِينَ
فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ حِينَ وَقَعَتِ اَلْفُرْقَةُ وَ تَشَتَّتَتِ اَلْأُلْفَةُ وَ اِخْتَلَفَتِ اَلْكَلِمَةُ وَ اَلْأَفْئِدَةُ وَ تَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وَ تَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ
قَدْ خَلَعَ اَللَّهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ وَ سَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ وَ بَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ
الاعتبار بالأمم فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَ بَنِي إِسْحَاقَ وَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عليهم‌السلام فَمَا أَشَدَّ اِعْتِدَالَ اَلْأَحْوَالِ وَ أَقْرَبَ اِشْتِبَاهَ اَلْأَمْثَالِ تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وَ تَفَرُّقِهِمْ لَيَالِيَ كَانَتِ اَلْأَكَاسِرَةُ وَ اَلْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ
يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِيفِ اَلْآفَاقِ وَ بَحْرِ اَلْعِرَاقِ وَ خُضْرَةِ اَلدُّنْيَا إِلَى مَنَابِتِ اَلشِّيحِ وَ مَهَافِي اَلرِّيحِ وَ نَكَدِ اَلْمَعَاشِ فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ وَ وَبَرٍ أَذَلَّ اَلْأُمَمِ دَاراً وَ أَجْدَبَهُمْ قَرَاراً
لاَ يَأْوُونَ إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا وَ لاَ إِلَى ظِلِّ أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا
فَالْأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ وَ اَلْأَيْدِي مُخْتَلِفَةٌ وَ اَلْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي بَلاَءِ أَزْلٍ وَ أَطْبَاقِ جَهْلٍ مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ وَ أَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ وَ أَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وَ غَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ
النعمة برسول اللّه فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ وَ جَمَعَ عَلَى دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ
كَيْفَ نَشَرَتِ اَلنِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا وَ أَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِيمِهَا وَ اِلْتَفَّتِ اَلْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ وَ فِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ
قَدْ تَرَبَّعَتِ اَلْأُمُورُ بِهِمْ فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ وَ آوَتْهُمُ اَلْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ وَ تَعَطَّفَتِ اَلْأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ
فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى اَلْعَالَمِينَ وَ مُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ اَلْأَرَضِينَ يَمْلِكُونَ اَلْأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ وَ يُمْضُونَ اَلْأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ لاَ تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ وَ لاَ تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ
لوم العصاة أَلاَ وَ إِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ اَلطَّاعَةِ وَ ثَلَمْتُمْ حِصْنَ اَللَّهِ اَلْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ اَلْجَاهِلِيَّةِ
فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اِمْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ فِيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِهِ اَلْأُلْفَةِ اَلَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا وَ يَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا بِنِعْمَةٍ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ اَلْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وَ أَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ
وَ اِعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ اَلْهِجْرَةِ أَعْرَاباً وَ بَعْدَ اَلْمُوَالاَةِ أَحْزَاباً مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ اَلْإِسْلاَمِ إِلاَّ بِاسْمِهِ وَ لاَ تَعْرِفُونَ مِنَ اَلْإِيمَانِ إِلاَّ رَسْمَهُ
تَقُولُونَ اَلنَّارَ وَ لاَ اَلْعَارَ كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا اَلْإِسْلاَمَ عَلَى وَجْهِهِ اِنْتِهَاكاً لِحَرِيمِهِ وَ نَقْضاً لِمِيثَاقِهِ اَلَّذِي وَضَعَهُ اَللَّهُ لَكُمْ حَرَماً فِي أَرْضِهِ وَ أَمْناً بَيْنَ خَلْقِهِ
وَ إِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَى غَيْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ اَلْكُفْرِ ثُمَّ لاَ جَبْرَائِيلُ وَ لاَ مِيكَائِيلُ وَ لاَ مُهَاجِرُونَ وَ لاَ أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ إِلاَّ اَلْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اَللَّهُ بَيْنَكُمْ
وَ إِنَّ عِنْدَكُمُ اَلْأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اَللَّهِ وَ قَوَارِعِهِ وَ أَيَّامِهِ وَ وَقَائِعِهِ فَلاَ تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلاً بِأَخْذِهِ وَ تَهَاوُناً بِبَطْشِهِ وَ يَأْساً مِنْ بَأْسِهِ
فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ اَلْقَرْنَ اَلْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلاَّ لِتَرْكِهِمُ اَلْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ فَلَعَنَ اَللَّهُ اَلسُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ اَلْمَعَاصِي وَ اَلْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ اَلتَّنَاهِي
أَلاَ وَ قَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ اَلْإِسْلاَمِ وَ عَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ وَ أَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ
أَلاَ وَ قَدْ أَمَرَنِيَ اَللَّهُ بِقِتَالِ أَهْلِ اَلْبَغْيِ وَ اَلنَّكْثِ وَ اَلْفَسَادِ فِي اَلْأَرْضِ فَأَمَّا اَلنَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ وَ أَمَّا اَلْقَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ وَ أَمَّا اَلْمَارِقَةُ فَقَدْ دَوَّخْتُ
وَ أَمَّا شَيْطَانُ اَلرَّدْهَةِ فَقَدْ كُفِيتُهُ بِصَعْقَةٍ سُمِعَتْ لَهَا وَجْبَةُ قَلْبِهِ وَ رَجَّةُ صَدْرِهِ وَ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ اَلْبَغْيِ وَ لَئِنْ أَذِنَ اَللَّهُ فِي اَلْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ لَأُدِيلَنَّ مِنْهُمْ إِلاَّ مَا يَتَشَذَّرُ فِي أَطْرَافِ اَلْبِلاَدِ تَشَذُّراً
فضل الوحي أَنَا وَضَعْتُ فِي اَلصِّغَرِ بِكَلاَكِلِ اَلْعَرَبِ وَ كَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ
وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله بِالْقَرَابَةِ اَلْقَرِيبَةِ وَ اَلْمَنْزِلَةِ اَلْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَ يَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَ يُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَ يُشِمُّنِي عَرْفَهُ
وَ كَانَ يَمْضَغُ اَلشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَ مَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَ لاَ خَطْلَةً فِي فِعْلٍ
وَ لَقَدْ قَرَنَ اَللَّهُ بِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ اَلْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخْلاَقِ اَلْعَالَمِ لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ
وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اِتِّبَاعَ اَلْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلاَقِهِ عَلَماً وَ يَأْمُرُنِي بِالاِقْتِدَاءِ بِهِ
وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لاَ يَرَاهُ غَيْرِي وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي اَلْإِسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ اَلْوَحْيِ وَ اَلرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ اَلنُّبُوَّةِ
وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ اَلشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ اَلْوَحْيُ عَلَيْهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا هَذِهِ اَلرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا اَلشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ
إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلاَّ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَ لَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله لَمَّا أَتَاهُ اَلْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ اِدَّعَيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لاَ أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ
وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَ أَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَ رَسُولٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ
فَقَالَ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَ مَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ اَلشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ صلى‌الله‌عليه‌وآله إِنَّ اَللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَإِنْ فَعَلَ اَللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ
قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَفِيئُونَ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي اَلْقَلِيبِ وَ مَنْ يُحَزِّبُ اَلْأَحْزَابَ
ثُمَّ قَالَ صلى‌الله‌عليه‌وآله يَا أَيَّتُهَا اَلشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اَللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اَللَّهِ
فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لاَنْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَ قَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ اَلطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله مُرَفْرِفَةً
وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا اَلْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَ كُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله
فَلَمَّا نَظَرَ اَلْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَ اِسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَ يَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله
فَقَالُوا كُفْراً وَ عُتُوّاً فَمُرْ هَذَا اَلنِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله فَرَجَعَ
فَقُلْتُ أَنَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اَلشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اَللَّهِ تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وَ إِجْلاَلاً لِكَلِمَتِكَ
فَقَالَ اَلْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ سٰاحِرٌ كَذّٰابٌ عَجِيبُ اَلسِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ وَ هَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلاَّ مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي
وَ إِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لاَ تَأْخُذُهُمْ فِي اَللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ سِيمَاهُمْ سِيمَا اَلصِّدِّيقِينَ وَ كَلاَمُهُمْ كَلاَمُ اَلْأَبْرَارِ عُمَّارُ اَللَّيْلِ وَ مَنَارُ اَلنَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ اَلْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ اَللَّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ
لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَ لاَ يَعْلُونَ وَ لاَ يَغُلُّونَ وَ لاَ يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي اَلْجِنَانِ وَ أَجْسَادُهُمْ فِي اَلْعَمَلِ
نهج البلاغه : خطبه ها
سفارش به پرهیزکاری و بیان ارزش هاى اسلام قرآن و پیامبرص
و من خطبة له عليه‌السلام ينبه على إحاطة علم اللّه بالجزئيات ثم يحث على التقوى و يبين فضل الإسلام و القرآن يَعْلَمُ عَجِيجَ اَلْوُحُوشِ فِي اَلْفَلَوَاتِ وَ مَعَاصِيَ اَلْعِبَادِ فِي اَلْخَلَوَاتِ وَ اِخْتِلاَفَ اَلنِّينَانِ فِي اَلْبِحَارِ اَلْغَامِرَاتِ وَ تَلاَطُمَ اَلْمَاءِ بِالرِّيَاحِ اَلْعَاصِفَاتِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً نَجِيبُ اَللَّهِ وَ سَفِيرُ وَحْيِهِ وَ رَسُولُ رَحْمَتِهِ
الوصية بالتقوى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّذِي اِبْتَدَأَ خَلْقَكُمْ وَ إِلَيْهِ يَكُونُ مَعَادُكُمْ وَ بِهِ نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ وَ إِلَيْهِ مُنْتَهَى رَغْبَتِكُمْ وَ نَحْوَهُ قَصْدُ سَبِيلِكُمْ وَ إِلَيْهِ مَرَامِي مَفْزَعِكُمْ
فَإِنَّ تَقْوَى اَللَّهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ وَ بَصَرُ عَمَى أَفْئِدَتِكُمْ وَ شِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ وَ صَلاَحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ وَ طُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ وَ جِلاَءُ عَشَا أَبْصَارِكُمْ وَ أَمْنُ فَزَعِ جَأْشِكُمْ وَ ضِيَاءُ سَوَادِ ظُلْمَتِكُمْ
فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اَللَّهِ شِعَاراً دُونَ دِثَارِكُمْ وَ دَخِيلاً دُونَ شِعَارِكُمْ وَ لَطِيفاً بَيْنَ أَضْلاَعِكُمْ وَ أَمِيراً فَوْقَ أُمُورِكُمْ
وَ مَنْهَلاً لِحِينِ وُرُودِكُمْ وَ شَفِيعاً لِدَرَكِ طَلِبَتِكُمْ وَ جُنَّةً لِيَوْمِ فَزَعِكُمْ وَ مَصَابِيحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ وَ سَكَناً لِطُولِ وَحْشَتِكُمْ وَ نَفَساً لِكَرْبِ مَوَاطِنِكُمْ
فَإِنَّ طَاعَةَ اَللَّهِ حِرْزٌ مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنِفَةٍ وَ مَخَاوِفَ مُتَوَقَّعَةٍ وَ أُوَارِ نِيرَانٍ مُوقَدَةٍ
فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوَى عَزَبَتْ عَنْهُ اَلشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا وَ اِحْلَوْلَتْ لَهُ اَلْأُمُورُ بَعْدَ مَرَارَتِهَا وَ اِنْفَرَجَتْ عَنْهُ اَلْأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا وَ أَسْهَلَتْ لَهُ اَلصِّعَابُ بَعْدَ إِنْصَابِهَا
وَ هَطَلَتْ عَلَيْهِ اَلْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا وَ تَحَدَّبَتْ عَلَيْهِ اَلرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا وَ تَفَجَّرَتْ عَلَيْهِ اَلنِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا وَ وَبَلَتْ عَلَيْهِ اَلْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا
فَاتَّقُوا اَللَّهَ اَلَّذِي نَفَعَكُمْ بِمَوْعِظَتِهِ وَ وَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِهِ وَ اِمْتَنَّ عَلَيْكُمْ بِنِعْمَتِهِ فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِهِ وَ اُخْرُجُوا إِلَيْهِ مِنْ حَقِّ طَاعَتِهِ
فضل الإسلام ثُمَّ إِنَّ هَذَا اَلْإِسْلاَمَ دِينُ اَللَّهِ اَلَّذِي اِصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ وَ اِصْطَنَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَ أَصْفَاهُ خِيَرَةَ خَلْقِهِ وَ أَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ
أَذَلَّ اَلْأَدْيَانَ بِعِزَّتِهِ وَ وَضَعَ اَلْمِلَلَ بِرَفْعِهِ وَ أَهَانَ أَعْدَاءَهُ بِكَرَامَتِهِ وَ خَذَلَ مُحَادِّيهِ بِنَصْرِهِ وَ هَدَمَ أَرْكَانَ اَلضَّلاَلَةِ بِرُكْنِهِ وَ سَقَى مَنْ عَطِشَ مِنْ حِيَاضِهِ وَ أَتْأَقَ اَلْحِيَاضَ بِمَوَاتِحِهِ
ثُمَّ جَعَلَهُ لاَ اِنْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ وَ لاَ فَكَّ لِحَلْقَتِهِ وَ لاَ اِنْهِدَامَ لِأَسَاسِهِ وَ لاَ زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ وَ لاَ اِنْقِلاَعَ لِشَجَرَتِهِ وَ لاَ اِنْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ وَ لاَ عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ
وَ لاَ جَذَّ لِفُرُوعِهِ وَ لاَ ضَنْكَ لِطُرُقِهِ وَ لاَ وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ وَ لاَ سَوَادَ لِوَضَحِهِ وَ لاَ عِوَجَ لاِنْتِصَابِهِ وَ لاَ عَصَلَ فِي عُودِهِ وَ لاَ وَعَثَ لِفَجِّهِ وَ لاَ اِنْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِهِ وَ لاَ مَرَارَةَ لِحَلاَوَتِهِ
فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِي اَلْحَقِّ أَسْنَاخَهَا وَ ثَبَّتَ لَهَا آسَاسَهَا وَ يَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا وَ مَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرَانُهَا وَ مَنَارٌ اِقْتَدَى بِهَا سُفَّارُهَا وَ أَعْلاَمٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا وَ مَنَاهِلُ رَوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا
جَعَلَ اَللَّهُ فِيهِ مُنْتَهَى رِضْوَانِهِ وَ ذِرْوَةَ دَعَائِمِهِ وَ سَنَامَ طَاعَتِهِ فَهُوَ عِنْدَ اَللَّهِ وَثِيقُ اَلْأَرْكَانِ رَفِيعُ اَلْبُنْيَانِ مُنِيرُ اَلْبُرْهَانِ مُضِيءُ اَلنِّيرَانِ عَزِيزُ اَلسُّلْطَانِ مُشْرِفُ اَلْمَنَارِ مُعْوِذُ اَلْمَثَارِ
فَشَرِّفُوهُ وَ اِتَّبِعُوهُ وَ أَدُّوا إِلَيْهِ حَقَّهُ وَ ضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ
الرسول الأعظم ثُمَّ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله بِالْحَقِّ حِينَ دَنَا مِنَ اَلدُّنْيَا اَلاِنْقِطَاعُ وَ أَقْبَلَ مِنَ اَلْآخِرَةِ اَلاِطِّلاَعُ وَ أَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ وَ قَامَتْ بِأَهْلِهَا عَلَى سَاقٍ وَ خَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ
وَ أَزِفَ مِنْهَا قِيَادٌ فِي اِنْقِطَاعٍ مِنْ مُدَّتِهَا وَ اِقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَ تَصَرُّمٍ مِنْ أَهْلِهَا وَ اِنْفِصَامٍ مِنْ حَلْقَتِهَا وَ اِنْتِشَارٍ مِنْ سَبَبِهَا وَ عَفَاءٍ مِنْ أَعْلاَمِهَا وَ تَكَشُّفٍ مِنْ عَوْرَاتِهَا وَ قِصَرٍ مِنْ طُولِهَا
جَعَلَهُ اَللَّهُ بَلاَغاً لِرِسَالَتِهِ وَ كَرَامَةً لِأُمَّتِهِ وَ رَبِيعاً لِأَهْلِ زَمَانِهِ وَ رِفْعَةً لِأَعْوَانِهِ وَ شَرَفاً لِأَنْصَارِهِ
القرآن الكريم ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ اَلْكِتَابَ نُوراً لاَ تُطْفَأُ مَصَابِيحُهُ وَ سِرَاجاً لاَ يَخْبُو تَوَقُّدُهُ وَ بَحْراً لاَ يُدْرَكُ قَعْرُهُ وَ مِنْهَاجاً لاَ يُضِلُّ نَهْجُهُ وَ شُعَاعاً لاَ يُظْلِمُ ضَوْءُهُ
وَ فُرْقَاناً لاَ يُخْمَدُ بُرْهَانُهُ وَ تِبْيَاناً لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ وَ شِفَاءً لاَ تُخْشَى أَسْقَامُهُ وَ عِزّاً لاَ تُهْزَمُ أَنْصَارُهُ وَ حَقّاً لاَ تُخْذَلُ أَعْوَانُهُ
فَهُوَ مَعْدِنُ اَلْإِيمَانِ وَ بُحْبُوحَتُهُ وَ يَنَابِيعُ اَلْعِلْمِ وَ بُحُورُهُ وَ رِيَاضُ اَلْعَدْلِ وَ غُدْرَانُهُ وَ أَثَافِيُّ اَلْإِسْلاَمِ وَ بُنْيَانُهُ وَ أَوْدِيَةُ اَلْحَقِّ وَ غِيطَانُهُ
وَ بَحْرٌ لاَ يَنْزِفُهُ اَلْمُسْتَنْزِفُونَ وَ عُيُونٌ لاَ يُنْضِبُهَا اَلْمَاتِحُونَ وَ مَنَاهِلُ لاَ يَغِيضُهَا اَلْوَارِدُونَ وَ مَنَازِلُ لاَ يَضِلُّ نَهْجَهَا اَلْمُسَافِرُونَ وَ أَعْلاَمٌ لاَ يَعْمَى عَنْهَا اَلسَّائِرُونَ وَ آكَامٌ لاَ يَجُوزُ عَنْهَا اَلْقَاصِدُونَ
جَعَلَهُ اَللَّهُ رِيّاً لِعَطَشِ اَلْعُلَمَاءِ وَ رَبِيعاً لِقُلُوبِ اَلْفُقَهَاءِ وَ مَحَاجَّ لِطُرُقِ اَلصُّلَحَاءِ وَ دَوَاءً لَيْسَ بَعْدَهُ دَاءٌ وَ نُوراً لَيْسَ مَعَهُ ظُلْمَةٌ وَ حَبْلاً وَثِيقاً عُرْوَتُهُ وَ مَعْقِلاً مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ
وَ عِزّاً لِمَنْ تَوَلاَّهُ وَ سِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ وَ هُدًى لِمَنِ اِئْتَمَّ بِهِ وَ عُذْراً لِمَنِ اِنْتَحَلَهُ وَ بُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَ شَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ وَ فَلْجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ
وَ حَامِلاً لِمَنْ حَمَلَهُ وَ مَطِيَّةً لِمَنْ أَعْمَلَهُ وَ آيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ وَ جُنَّةً لِمَنِ اِسْتَلْأَمَ وَ عِلْماً لِمَنْ وَعَى وَ حَدِيثاً لِمَنْ رَوَى وَ حُكْماً لِمَنْ قَضَى
نهج البلاغه : خطبه ها
سياست دروغين معاويه
و من كلام له عليه‌السلام في معاوية وَ اَللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي وَ لَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَ يَفْجُرُ
وَ لَوْ لاَ كَرَاهِيَةُ اَلْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى اَلنَّاسِ وَ لَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَ كُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ
وَ اَللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ وَ لاَ أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَةِ
نهج البلاغه : خطبه ها
آمادگى براى سفر آخرت
و من كلام له عليه‌السلام كان كثيرا ما ينادي به أصحابه تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اَللَّهُ فَقَدْ نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحِيلِ وَ أَقِلُّوا اَلْعُرْجَةَ عَلَى اَلدُّنْيَا
وَ اِنْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ اَلزَّادِ فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَؤُوداً وَ مَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً لاَ بُدَّ مِنَ اَلْوُرُودِ عَلَيْهَا وَ اَلْوُقُوفِ عِنْدَهَا
وَ اِعْلَمُوا أَنَّ مَلاَحِظَ اَلْمَنِيَّةِ نَحْوَكُمْ دَانِيَةٌ وَ كَأَنَّكُمْ بِمَخَالِبِهَا وَ قَدْ نَشِبَتْ فِيكُمْ وَ قَدْ دَهَمَتْكُمْ فِيهَا مُفْظِعَاتُ اَلْأُمُورِ وَ مُعْضِلاَتُ اَلْمَحْذُورِ
فَقَطِّعُوا عَلاَئِقَ اَلدُّنْيَا وَ اِسْتَظْهِرُوا بِزَادِ اَلتَّقْوَى و قد مضى شيء من هذا الكلام فيما تقدم بخلاف هذه الرواية
نهج البلاغه : خطبه ها
دلیل عدم مشورت با طلحه و زبير
و من كلام له عليه‌السلام كلم به طلحة و الزبير بعد بيعته بالخلافة و قد عتبا عليه من ترك مشورتهما و الاستعانة في الأمور بهما
لَقَدْ نَقَمْتُمَا يَسِيراً وَ أَرْجَأْتُمَا كَثِيراً أَ لاَ تُخْبِرَانِي أَيُّ شَيْءٍ كَانَ لَكُمَا فِيهِ حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ أَمْ أَيُّ قَسْمٍ اِسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمَا بِهِ أَمْ أَيُّ حَقٍّ رَفَعَهُ إِلَيَّ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ ضَعُفْتُ عَنْهُ أَمْ جَهِلْتُهُ أَمْ أَخْطَأْتُ بَابَهُ
وَ اَللَّهِ مَا كَانَتْ لِي فِي اَلْخِلاَفَةِ رَغْبَةٌ وَ لاَ فِي اَلْوِلاَيَةِ إِرْبَةٌ وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا وَ حَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اَللَّهِ وَ مَا وَضَعَ لَنَا وَ أَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ
وَ مَا اِسْتَنَّ اَلنَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فَاقْتَدَيْتُهُ فَلَمْ أَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إِلَى رَأْيِكُمَا وَ لاَ رَأْيِ غَيْرِكُمَا وَ لاَ وَقَعَ حُكْمٌ جَهِلْتُهُ فَأَسْتَشِيرَكُمَا وَ إِخْوَانِي مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا وَ لاَ عَنْ غَيْرِكُمَا
وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ اَلْأُسْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيهِ بِرَأْيِي وَ لاَ وَلِيتُهُ هَوًى مِنِّي بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَيْكُمَا فِيمَا قَدْ فَرَغَ اَللَّهُ مِنْ قَسْمِهِ وَ أَمْضَى فِيهِ حُكْمَهُ
فَلَيْسَ لَكُمَا وَ اَللَّهِ عِنْدِي وَ لاَ لِغَيْرِكُمَا فِي هَذَا عُتْبَى أَخَذَ اَللَّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِكُمْ إِلَى اَلْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِيَّاكُمُ اَلصَّبْرَ
ثم قال عليه‌السلام رَحِمَ اَللَّهُ رَجُلاً رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْهِ أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ
نهج البلاغه : خطبه ها
منع از دشنامدادن به شامیان در نبرد صفین
و من كلام له عليه‌السلام و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين
إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ وَ لَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وَ ذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ كَانَ أَصْوَبَ فِي اَلْقَوْلِ وَ أَبْلَغَ فِي اَلْعُذْرِ
وَ قُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ اَللَّهُمَّ اِحْقِنْ دِمَاءَنَا وَ دِمَاءَهُمْ وَ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَ بَيْنِهِمْ وَ اِهْدِهِمْ مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ حَتَّى يَعْرِفَ اَلْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ وَ يَرْعَوِيَ عَنِ اَلْغَيِّ وَ اَلْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ
نهج البلاغه : خطبه ها
نكوهش نافرمانى یاران در جریان حکمیت
و من كلام له عليه‌السلام قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة
أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ حَتَّى نَهِكَتْكُمُ اَلْحَرْبُ وَ قَدْ وَ اَللَّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَ تَرَكَتْ وَ هِيَ لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ
لَقَدْ كُنْتُ أَمْسِ أَمِيراً فَأَصْبَحْتُ اَلْيَوْمَ مَأْمُوراً وَ كُنْتُ أَمْسِ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ اَلْيَوْمَ مَنْهِيّاً وَ قَدْ أَحْبَبْتُمُ اَلْبَقَاءَ وَ لَيْسَ لِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ
نهج البلاغه : خطبه ها
روابط متقابل رهبر و مردم
و من خطبة له عليه‌السلام خطبها بصفين أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ وَ لَكُمْ عَلَيَّ مِنَ اَلْحَقِّ مِثْلُ اَلَّذِي لِي عَلَيْكُمْ
فَالْحَقُّ أَوْسَعُ اَلْأَشْيَاءِ فِي اَلتَّوَاصُفِ وَ أَضْيَقُهَا فِي اَلتَّنَاصُفِ لاَ يَجْرِي لِأَحَدٍ إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ وَ لاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ
وَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَ لاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ لِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ
وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى اَلْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ وَ جَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ اَلثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ وَ تَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ اَلْمَزِيدِ أَهْلُهُ
حق الوالي و حق الرعية ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً اِفْتَرَضَهَا لِبَعْضِ اَلنَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فِي وُجُوهِهَا وَ يُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ لاَ يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ
وَ أَعْظَمُ مَا اِفْتَرَضَ سُبْحَانَهُ مِنْ تِلْكَ اَلْحُقُوقِ حَقُّ اَلْوَالِي عَلَى اَلرَّعِيَّةِ وَ حَقُّ اَلرَّعِيَّةِ عَلَى اَلْوَالِي فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلْفَتِهِمْ وَ عِزّاً لِدِينِهِمْ
فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ اَلرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ اَلْوُلاَةِ وَ لاَ تَصْلُحُ اَلْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ اَلرَّعِيَّةِ
فَإِذَا أَدَّتْ اَلرَّعِيَّةُ إِلَى اَلْوَالِي حَقَّهُ وَ أَدَّى اَلْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ اَلْحَقُّ بَيْنَهُمْ وَ قَامَتْ مَنَاهِجُ اَلدِّينِ وَ اِعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ اَلْعَدْلِ وَ جَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا اَلسُّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِكَ اَلزَّمَانُ وَ طُمِعَ فِي بَقَاءِ اَلدَّوْلَةِ وَ يَئِسَتْ مَطَامِعُ اَلْأَعْدَاءِ
وَ إِذَا غَلَبَتِ اَلرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا أَوْ أَجْحَفَ اَلْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ اِخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ اَلْكَلِمَةُ وَ ظَهَرَتْ مَعَالِمُ اَلْجَوْرِ وَ كَثُرَ اَلْإِدْغَالُ فِي اَلدِّينِ وَ تُرِكَتْ مَحَاجُّ اَلسُّنَنِ فَعُمِلَ بِالْهَوَى وَ عُطِّلَتِ اَلْأَحْكَامُ وَ كَثُرَتْ عِلَلُ اَلنُّفُوسِ
فَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ وَ لاَ لِعَظِيمِ بَاطِلٍ فُعِلَ فَهُنَالِكَ تَذِلُّ اَلْأَبْرَارُ وَ تَعِزُّ اَلْأَشْرَارُ وَ تَعْظُمُ تَبِعَاتُ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ اَلْعِبَادِ
فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذَلِكَ وَ حُسْنِ اَلتَّعَاوُنِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ أَحَدٌ وَ إِنِ اِشْتَدَّ عَلَى رِضَا اَللَّهِ حِرْصُهُ وَ طَالَ فِي اَلْعَمَلِ اِجْتِهَادُهُ بِبَالِغٍ حَقِيقَةَ مَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلُهُ مِنَ اَلطَّاعَةِ لَهُ
وَ لَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ اَلنَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ وَ اَلتَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ اَلْحَقِّ بَيْنَهُمْ
وَ لَيْسَ اِمْرُؤٌ وَ إِنْ عَظُمَتْ فِي اَلْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ وَ تَقَدَّمَتْ فِي اَلدِّينِ فَضِيلَتُهُ بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اَللَّهُ مِنْ حَقِّهِ وَ لاَ اِمْرُؤٌ وَ إِنْ صَغَّرَتْهُ اَلنُّفُوسُ وَ اِقْتَحَمَتْهُ اَلْعُيُونُ بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْهِ
فَأَجَابَهُ عليه‌السلام رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِكَلاَمٍ طَوِيلٍ يُكْثِرُ فِيهِ اَلثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَ يَذْكُرُ سَمْعَهُ وَ طَاعَتَهُ لَهُ
فَقَالَ عليه‌السلام إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلاَلُ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي نَفْسِهِ وَ جَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنْ يَصْغُرَ عِنْدَهُ لِعِظَمِ ذَلِكَ كُلُّ مَا سِوَاهُ
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ لَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اَللَّهِ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ اِزْدَادَ حَقُّ اَللَّهِ عَلَيْهِ عِظَماً
وَ إِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالاَتِ اَلْوُلاَةِ عِنْدَ صَالِحِ اَلنَّاسِ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ اَلْفَخْرِ وَ يُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى اَلْكِبْرِ
وَ قَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ اَلْإِطْرَاءَ وَ اِسْتِمَاعَ اَلثَّنَاءِ وَ لَسْتُ بِحَمْدِ اَللَّهِ كَذَلِكَ وَ لَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لَتَرَكْتُهُ اِنْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ اَلْعَظَمَةِ وَ اَلْكِبْرِيَاءِ
وَ رُبَّمَا اِسْتَحْلَى اَلنَّاسُ اَلثَّنَاءَ بَعْدَ اَلْبَلاَءِ فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ لِإِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِلَيْكُمْ مِنَ اَلتَّقِيَّةِ فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وَ فَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا
فَلاَ تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ اَلْجَبَابِرَةُ وَ لاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ اَلْبَادِرَةِ وَ لاَ تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ
وَ لاَ تَظُنُّوا بِي اِسْتِثْقَالاً فِي حَقٍّ قِيلَ لِي وَ لاَ اِلْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي فَإِنَّهُ مَنِ اِسْتَثْقَلَ اَلْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوِ اَلْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ كَانَ اَلْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ
فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ وَ لاَ آمَنُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اَللَّهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي
فَإِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ اَلضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى وَ أَعْطَانَا اَلْبَصِيرَةَ بَعْدَ اَلْعَمَى
نهج البلاغه : خطبه ها
گلایه از قریش
و من كلام له عليه‌السلام في التظلم و التشكي من قريش اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ أَكْفَئُوا إِنَائِي وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي
وَ قَالُوا أَلاَ إِنَّ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ فَاصْبِرْ مَغْمُوماً أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً
فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ وَ لاَ ذَابٌّ وَ لاَ مُسَاعِدٌ إِلاَّ أَهْلَ بَيْتِي
فَضَنَنْتُ بِهِمْ عَنِ اَلْمَنِيَّةِ فَأَغْضَيْتُ عَلَى اَلْقَذَى وَ جَرِعْتُ رِيقِي عَلَى اَلشَّجَا وَ صَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ اَلْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ اَلْعَلْقَمِ وَ آلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وَخْزِ اَلشِّفَارِ
قال الشريف رضي الله عنه و قد مضى هذا الكلام في أثناء خطبة متقدمة إلا أني ذكرته هاهنا لاختلاف الروايتين
نهج البلاغه : خطبه ها
افشاى خيانت بیعت شکنان
و من كلام له عليه‌السلام في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه عليه‌السلام
فَقَدِمُوا عَلَى عُمَّالِي وَ خُزَّانِ بَيْتِ اَلْمُسْلِمِينَ اَلَّذِي فِي يَدَيَّ وَ عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ كُلُّهُمْ فِي طَاعَتِي وَ عَلَى بَيْعَتِي
فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ وَ أَفْسَدُوا عَلَيَّ جَمَاعَتَهُمْ وَ وَثَبُوا عَلَى شِيعَتِي فَقَتَلُوا طَاِئفَةً منْهُمْ غَدْراً وَ طَاِئفَةٌ عَضُّوا عَلَى أَسْيَافِهِمْ فَضَارَبُوا بِهَا حَتَّى لَقُوا اَللَّهَ صَادِقِينَ